نعم , فللروح عطرها

كيف أعيش بسلام وأحس بالحياة إن لم أحب , وأُحب وأحس بذلك في كل كياني ؟

الحب هو نبض الحياة , يبدأ مع لحظة التكوين , فقد أحب الله عباده ومنحهم كل النعم التي يعيشونها وأعطاهم أرواحاً بدأت في أبينا آدم عليه السلام عندما وهبه الحياة فنفخ فيه من روحه , وبذلك منحه السيادة على كل مخلوقاته , ماذا نريد رفعة أكثر من ذلك .!!

فلنخجل عندما نتعامل مع بعضنا بطريقة تسيء إلى الكيان الإنساني من خلال أي تعامل مع أي مخلوق من مخلوقات الله , أي مخلوق دون إستثناء . صفة التعامل وكأن المرء يأخذ ويعطي نفسه بنفسه ولكن من قلب لقلب آخر .

فهم الحب بهذا الشكل الحقيقي يجعلنا ندرك تماماً أن الحب لا حدود تقيده وأن له إتساع يصل إلى أبعد من إدراكنا , فالحب ليس علاقة بين رجل وإمرأة وهذا أضيق مفهوم له , والحب ليس متابعة الأعمال مع المصالح إلى أن تنتهي , هو ليس كذلك أبداً .
الحب بالنسبة لنا هو كل ما سبق , إنه حب خالص لله ولطاعة الله , وطاعة الله لا ينالها إلا من تعامل مع خلق الله بحب طاهر وضمن اقنية بينها الله حب الوالدين , حب الأسرة , حتى حب الذات ولكن مع إحترامها لا يتكون ويتشكل إلا من خلال حب الآخرين وإحترامهم .
ترى بعد ذلك وبهذا المفهوم هل سنجد حزين , صغير يتألم من اليتم , معناة وقهر لأي إنسان ؟؟؟

لا أعتقد ,فبالحب لن يكون هناك ثغرة للسلوك الرديء يمكن أن ينفذ منها شيطان الذات في محاولة تفشل مع بدايتها , لأننا نحب ولدينا من يُحبنا والكل حريص على الكل .

خلقنا الله لنعيش بسعادة ولم يخلقنا لنجعل حياة بعضنا البعض شقية . ألا ينبغي إحترام الطاقة التي وضعها الله بنا ومنحنا ما شاء من الوقت لنثبت جدارتنا ثم نعود إلى الخالق الرحمن الرحيم , لنرى ماذا فعلنا وأين سنخلد .


دعوة إلى إحترام التراب وكل ما عليه وتحته . ومن هم ما عليه وتحته , إنه تاريخ كل من كنا منهم ومن سنعود إليهم يوم يشاء الله .


الجميع دون إي إستثناء وفي مختلف مراحل الحياة نرى ونسمع ونأخذ ونعطي بشكل أو بأخر , وهذا الكسب والمنح يحتاج إلى تعليم وسلوك ينبغي أن نتقنه , يخلق المرء بقلب وعقل وموروث من أصفى وأرقى ما يمكن أن نعرف في الوجود , والموروث المأخوذ من نبع نقي يملأ حجرات الخلايا , أليس هكذا كل الصغار عندما يولودون . لهم رائحة غير ما للكبار , جلدهم كلمسة نسمة في فجر ربيعي معطر برائحة الندى والياسمين , وعندما نحتضنهم , يا اللـــــه , تدخل غابات الدنيا إلى القلب فتنعش الدماغ من كل جوانبه , بالله عليكم , ألا تحبون أن يدوم ذلك الشعور ويبقى العمر كله بمثل هذه اللحظات ؟


من لا يحب أن يصحو على ذكرى حلم , لا يزال يبتسم منه . كلنا نحب , ولكن نساهم وبطريقة ما بجعل الصغار يكتسبون ما نحن عليه .


كانوا يعانون من قلة قليلة تعكر صفو الحياة بين الحين والآخر , كانوا يعيشون لأهداف سامية لمحبة نابعة من الحب الحقيقي (حب الله) , كانوا يعرفون كيف يحمون النعيم الذي يمرح فيه صغارهم .


قد يقول البعض إنها حياة مثالية لا تتشكل إلا بالوهم , فاقول لا بل هي الواقع الذي كان عليه أهلنا !!!


فالحياة الهانئة لا تأتي من مال وفير , وبالطبع لا تأتي من فقر مدقع . إنها لا تسكب في أكوابنا لنرتشفها بسهولة , وأيضاً لا يأتي من يكسر لنا أكوابنا التي نحملها ثم يقول إن لم تملك كوباً فسوف أسكب حصتك من الحياة على الأرض . بل علينا أن نحمل أكوابنا ونتعلم كيفية الحرص عليها , ونقطع مسافات طويلة لنصل إلى حيث نبع الحياة , لنغرف منه ونرتوي كل حسب ما يرويه , دون تقاتل , دون تزاحم دون إساءة , دون طمع بإمتلاك المصدر , ودون السماح لأحد بإمتلاك المصدر , وليبقى من يحرسه . ونعود لنعيش مرة أخرى فرحين بزياراتنا هذه ونعرف أننا يمكن أن نكررها فهي لنبع لا ينضب .


ما يحدث اليوم أن الطريق غير آمن , وأصلاً الخروج بحد ذاته غير آمن , وتروى قصص كثيرة عن وجود قطاع الطرق , وكيف يحطمون الأكواب وهي في أيدي أهلها , ليوقفوك قبل أن تصل , وإن تركوك تصل , تكون كوبك محطمة ولا يسمح لك بإقتناء غيرها ........
هذا عندما نهمل طريق نبعنا , وننسى أن ثمة من يريد كل الأكواب لنفسه , بحجة أنه غبي , وهو غبي فعلاً فماذا سيفعل بعد أن نموت من العطش , كيف سيجد من يتباهى أمامه بإمتلاك كل شيء ......


فيموت قهراً .
لا نريد أن نصل إلى هذه الصورة , لا نريد أن ننحدر إلى الهاوية , فلنبدأ بالتعامل الراقي , معاملة تليق بنا كبشر لهم إحساس ومشاعر لا يظهر عطر روحها إلا حين تمنحني منها فأمنحك منها ربما أكثر , ربما اقل ولكن ما يكفي ليبقي العطر فواحاً في الأثير , كي لا ننساه وتتحجر قلوبنا وتقسو , فتعمى الأبصار , ونتصادم فنحطم الأكواب قبل أن نعرف أننا سنعطش ويجب أن نتوجه إلى النبع لنشرب , كلنا جميعاً , فلا يبقى أحد يحس بالظمأ . ملاحظة لا يتحطم كوب إلا بكوب آخر فيفقد الجيمع أكوابهم , إنه الحب لا يندثر إلا ليحل محله الكره , فيضيع من لا يعرف الكره ويضيع من يعرفه . والكره ما هو إلا حب سلبي , ألا يجدر بنا التوقف عن السلبيات في حياتنا .؟؟!!!