مهما مضى الزمان وتقلب دولاب العمر والسنوات لابد للحي ان يقابل اخاه فما اجمل من فنجان قهوة فيروزي في مكان شعبي لاثنين مضى لصداقة طفولتهما سنين بالية واياما نحتت في قلوبهم من التجارب والخبرة ما لم تفعله في صغرهما.
ها هما احمد وعامر يلتقيان صدفة بعد مضى 20 عام من الفراق.....التقيا وقد شاب الشعر وتساقطت الاسنان وحنى الظهر ورغم هذا كله دق قلبهما ليدلهما على بعض فقد عرفا بعضهما واضاءات كل الذكريات في لحظة واتفقا ان يجلسا مع بعضهما في اليوم التالي في مقهى شعبي قريب يعلمانه.
وبالفعل حان وقت اللقاء ووصلا المكان . طلب احمد كوبا من الشاي اما عامر فقد فضل فنجانا من القهوة وبعد السؤال عن الحال والمعيشة دار كلام شدشد اللكنة بينهما كلام الخبرة والتجربة واثر سنين العمر عليهما......
قال احمد : اعتبر انه ليس كل ما يلمع ذهبا فما رأيك يا صديقي ؟؟
قال عامر: فعلا كثيرا من الامور يبدو ظاهرها جيد ولكن حقيقتها غير ذلك
قال احمد : ارى ان كل الناس سيئون حتى يثبت العكس وبعدها نعتبر هذا الانسان جيد ام غير جيد
قال عامر : لا انا اعتبر كل الناس جيدون من حيث المبدأ حتى يثبت العكس فقال له انت حر
قال احمد : اكثر الناس احتاط منهم هم المتسترون بالدين لانهم عندما يضربون تكون الضربة موجعه
قال عامر : ماهذا يارجل رجل الدين هو مثال للادب وحسن الخلق والرفعة فيعقل هذا فاجابه انا لم اعمم بل قلت خذ حذرك فقط لان البعض يستغل هذا الستار النقي ويفعل بعباد الله اخطاء كثيرة.
قال احمد: اي انسان يخطىء لايجوز تعميم الخطأ على جماعته اودينه او منطقته لانه يمثل نفسه فقط
قال عامر: بهذه اوافقك مائة بالمائة لان كل انسان يمثل نفسه ولا يمثل حتى عائلته التي انجبته واحكم على الانسان من تصرفاته واخلاقه التي أراها بام عيني فقط فضحك صديقه وقال وهذه متفق عليها.
قال احمد : لاحظت ان الايمان بالله تعالى عن يقين أكيد يجعل للحياة طعما رائعا لانك تشعر ان هناك من يخطط ويدبر ويرتب دون ان تتذاكى عليه وكل امور الحياة بلونيها اعتبرها من تدبيره لذا اذا خسرت مليون او ربحت مليون يتساوى الاحساس لاني اعلم ان ذلك بترتيب من الله تعالى وانما علي ان اسعى لآخر درجة.
قال عامر: وانا لا اختلف معك قيد انملة ابدا فجميع امور الحياة من الرزق والحياة والممات كلها بترتيب من الله تعالى لذلك انا سعيد جدا جدا في حياتي بسبب حرارة هذا الايمان .
قال حامد : لا احكم على الامور من ظاهرها بل استمع لأدق التفاصيل لاستنتج الحكم العادل .
قال عامر: اما انا فلا استطيع الحكم نهائيا الا بعد سماع الطرفين بادق التفاصيل ليكون كلامي عادلا وما اصعب الظلم في الحكم بسبب قلة الادلة .
قال احمد: واليك حذر القطط الذي نشأ لدي ومبدأه ان القطة عندما تتناول طعامها تتوقع من المار بجانبها أن يؤذيها ولا كان لم يفكر بها أصلا فتحتاط وتختبىء ريثما يذهب ثم تتابع واجبها.
قال عامر : وقد علا ضحكاته المقهى يا رجل حتى القطط تراقبها انت لست بهين عند ربك ابدا.
وبعد الضحكات والهرج والمرج الذي دار بينهما دفعوا الحساب وغادروا المقهى وهم سعداء لما دار بينهما لانهما اعتادا النقاش بكل لقاء.